الذرة الكيميائية

11 يناير 2024 - 9:08 ص

الذرة الكيميائية (The chemical atom)؛ كان التساؤل الأهم عبر التاريخ هو ما أصغر وحدة يمكن أن ينقسم إليها أي جسم. ومن هنا تم وضع نماذج كثيرة لما نسميه اليوم الذرة. ولكن هل هي فعلاً أصغر وحدة في المادة؟ هذا ما سنكتشفه هنا عندما نتعرف عليها وعلى أنواع الذرات ونواة الذرة. كذلك مكونات وكتلة الذرة الكيميائية.

تسجيل جين رانك باست…تسجيل جين رانك باستخدام رابط دعوة

تعريف بالذرة الكيميائية

كلمة (atom)، يأتي أصلها من الكلمة اليونانية التي معناها (لا ينقسم) باعتقاد أنها كانت أصغر ما في الكون. فالذرة الكيميائية هي وحدة البناء الأساسية لأي مادة وأي عنصر كيميائي في الكون، وهي الأساس الذي يبنى عليه علم الكيمياء. ولكن لا يمكن القول بأنها أصغر وحدة يمكن تقسيم الأجسام إليها كما كان يتم الاعتقاد. ذلك لأن الذرة نفسها تتكون من جسيمات أصغر تسمى الجسيمات الذرية. وتلك الجسيمات مشحونة كهربباً، وهي ما يعطي للذرة تماسكها، كما وتتمثل فيها كتلة الذرة.

لقد بدأ تكوين الذرات بالطبع مع بداية الانفجار العظيم، حيث بدأ كل شيء. حيث أن أول أنواع الذرات التي نشأت كانت ذرات عنصري الهيليوم والهيدروجين، لذا هما من أكثر العناصر وفرة في الكون حالياً. كما أن الذرات هي التي تتحكم في كل الخواص الكيميائية للعنصر، فالذرات تتحد مع بعضها أثناء التفاعلات الكيميائية لتعطي ما يسمى بالجزيئات. والجزيئات بدورها تتحد لتشكل المادة أياً كانت صلبة أو سائلة أو غازية.

كل ذرات العناصر لها نفس الحجم تقريباً أياً كان عدد الإلكترونات التي تحتويه. لكن الذرة الكيميائية صغيرة جداً لدرجة أن صف مكون من 50 مليون ذرة سيساوي 1سم فقط في الطول. ولهذا تقاس حجوم الذرات بوحدة تسمى الأنجستروم(Angstrom) (Å). وتلك الوحدة أصغر 10 مليارات مرة من المتر. ونصف قطر معظم أنواع الذرات يعادل من 1 إلى 2 أنجستروم.

حقيقة فراغ الذرة الكيميائية

تتكون الذرة الكيميائية من نواة في مركزها، تدور حولها إلكترونات في مدارات محددة. وبرغم ذلك فالذرة معظمها فراغ، فحوالي %99.99 منها فراغ والباقي عبارة عن مكونات الذرة. حيث أن النواة أصغر من الذرة نفسها من حيث الحجم بحوالي 100,000 مرة. لكن معظم كتلة الذرة تتركز في النواة.

وبرغم كل ذلك الفراغ إلا أنه لا يمكن أن يتداخل ذرتين مع بعضها. وذلك لأن الإلكترونات التي تدور حول النواة تتنافر مع إلكترونات الذرة الأخرى. وذلك بسبب أن الإلكترونات عامة تحمل نفس الشحنة السالبة، والشحنات المتشابهة تتنافر. وبالتالي هذا التنافر يمنع تداخل أي ذرتين متجاورتين مع بعضهما.

اقرأ أيضاً: “الليثيوم“

مكونات الذرة الكيميائية

الإلكترونات تدور حول النواة في مدارات محددةالذرة الكيميائية 2

البروتونات

هي جسيمات موجبة الشحنة الكهربية وهي إحدى مكونات نواة الذرة. والبروتونات هي المميزة للعنصر الواحد، حيث أن لكل عنصر عدد بروتونات يختلف عن الأخر. فمثلاً، الكربون يحمل عدد بروتونات مقداره (9)، وعنصر الأوكسجين عدد بروتوناته (8)، وهكذا.

النيوترونات

وهي المكون الثاني للنواة، وهي جسيمات متعادلة الشحنة الكهربية. وعلى عكس البروتونات، فإن النيوترونات يمكن أن تختلف في العنصر الواحد، فيما يسمى بنظائر للعنصر. أي أنها ليست مميزة للعنصر. وتزيد كتلة النيوترونات قليلاً عن كتلة البروتونات. ومعاً يعطون كتلة ونواة الذرة.

الإلكترونات

وتلك الجسيمات سالبة الشحنة وتدور حول نواة الذرة في مدارات معينة. والإلكترونات أقل في الكتلة من البروتونات والنيوترونات بمقدار 1836 مرة تقريباً. لذا يتم تجاهل كتلة الإلكترونات عند حساب كتلة الذرة. والمعروف أن الذرة الكيميائية متعادلة كهربياً وذلك لأن فيها عدد الشحنات السالبة المتمثل في الإلكترونات يساوي عدد الشحنات الموجبة المتمثل في البروتونات. ولهذا لابد لأي ذرة أن تحتوي على نفس العدد من البروتونات والإلكترونات.

بهذه الطريقة تنجذب الإلكترونات إلى النواة وتدور حولها، لأن الشحنات المختلفة تتجاذب. إن الأمر يشبه دوران الكواكب حول الشمس في المجموعة الشمسية. ولقد كان مكتشف الإلكترونات بشحنتها السالبة، هو العالم (جوزيف طومبسون). ولكن أول من استطاع حساب تلك القيمة السالبة هو العالم (روبرت ميليكان) في تجربة خاصة سميت باسمه. ولقد نال جائزة نوبل في الفيزياء فيما بعد على هذا الاكتشاف.

كقاعدة فإن أنواع الذرات تختلف بتغير أعداد البروتونات والنيوترونات والإلكترونات بداخلها.

مفاهيم خاصة بالذرة الكيميائية

هذه بعض المفاهيم الخاصة بالذرة:

العدد الذري (Atomic number)

العدد الذري يشير إلى عدد البروتونات في نواة الذرة ويرمز له بالرمز (Z). وطبعاً هو المميز للعنصر، ويتم وضع العدد الذري أسفل رمز العنصر الكيميائي، وهو أهم خاصية في الذرات. ولقد تم ترتيب العناصر في الجدول الدوري على أساس العدد الذري.

العدد الكتلي (Mass number)

وهو مجموع عدد البروتونات والنيوترونات في نواة الذرة، ويرمز له بالرمز (A) ويوضع الرقم أعلى رمز العنصر الكيميائي. والعدد الكتلي يمكن أن يختلف لذرات العنصر الواحد بسبب أن عدد النيوترونات يختلف. وهنا نقصد نظائر العنصر التي تحتوي على نفس عدد البروتونات ولكن تختلف في عدد النيوترونات.

اقرأ أيضاً: “الغاز الحيوي“

أنواع الذرات

النظائر الثلاثة لعنصر الهيدروجين باسمائهاالذرة الكيميائية 3

الذرة الكيميائية الطبيعية

يمكن أن يكون للعنصر الواحد أكثر من نظير ثابت ومستقر، وله نفس العدد من البروتونات. ولكن بعضاً من ذرات هذه النظائر غير مستقرة، بمعنى أن عدد النيوترونات يزيد في ذرة هذا النظير لحد لا تطيقه. وبالتالي تبدأ الذرة بالتحلل وتقلل من البروتونات الخاصة بها. عند هذه النقطة يتحول العنصر إلى عنصر آخر تماماً، وهذا بسبب تغير عدد البروتونات المميز للعنصر. وهذه كقاعدة، أن الذرة الكيميائية للعنصر تتغير بتغير عدد البروتونات، وهذا إن كانت غير مستقرة.

الأيون (Ion)

وهنا الفقد يكون في الإلكترونات أثناء دخول الذرة الكيميائية في تفاعل كيميائي. وبالتالي تتحول إلى أيون وهناك نوعان من الأيون.

الأيون السالب (Anion)

ويسمى أنيون ويحدث عندما تكتسب الذرة إلكتروناً أو أكثر أثناء دخولها في تفاعل كيميائي. وبالتالي تزداد الشحنة السالبة عن الموجبة فيها فتتحول إلى الأيون السالب. كما يحدث زيادة في الحجم (Volume) بسبب إضافة إلكترون أو أكثر لمدارات الذرة.

الأيون الموجب (Cation)

ويسمى كاتيون، ويحدث عندما تفقد الذرة إلكتروناً أو أكثر أثناء دخولها في تفاعل كيميائي. بالتالي تزداد فيها الشحنة الموجبة عن الشحنة السالبة، فتتحول إلى أيون موجب. وهنا يحدث نقص في الحجم بسبب أخذ إلكترون أو أكثر من مدارات الذرة. ولذلك يعتبر الكاتيون أصغر في الحجم من الأنيون.

النظير (Isotope)

وكما ذكرنا، فالنظائر عبارة عن عنصر واحد ولكن عدد النيوترونات تختلف. فمثلاً ذرة عنصر الكربون لها ثلاث نظائر. الكربون 12 ويحتوي على نفس عدد البروتونات والنيوترونات (6،6)، الكربون 13 (6،7)، الكربون 14 (6،8). نلاحظ أن كل الذرات تحتوي على نفس عدد البروتونات (6) الذي يميز عنصر الكربون. لكن الاختلاف يكون في عدد النيوترونات، لذا الثلاث ذرات كربون السابقة تعتبر نظائر لبعضها، وتختلف في العدد الكتلي بالطبع. ويجب القول أن معظم العناصر الكيميائية لها نظائر وليس الكربون فقط. فالهيدروجين بدوره له ثلاث نظائر.

نماذج تاريخية للذرة الكيميائية

نموذج رزرفورد لمكونات الذرةالذرة الكيميائية 4

نموذج دالتون

أفاد دالتون في القرن ال18 بوضع نموذجه للذرة الكيميائية موضحاً أنها وحدة غير قابلة للقسمة أو التدمير. وأن الذرات المختلفة تتحد مع بعضها لتكوين المادة. كما وضح أن ذرات العنصر الواحد متطابقة ولا تتشابه في خواصها مع ذرات عناصر أخرى. ولكن كان دالتون قد بنى تلك الاستنتاجات على أساس نظريات سابقة تعود لما قبل الميلاد، وضعها فلاسفة أمثال (ديموقريطوس).

نموذج طومبسون

أثبت طومبسون أن الذرة الكيميائية قابلة للتقسيم من خلال اكتشافه للإلكترونات. ولكنه كان يعتقد بأن هناك عدد كبير من الإلكترونات معلق في شيء ما ينتج شحنة موجبة. وهذا ما كان يجعل الذرة متعادلة كهربياً. وبهذا كان طومبسون قد فشل في تحديد مواضع الإلكترونات حول نواة الذرة، وأيضاً تحديد باقي مكوناتها.

نموذج رزرفورد

لقد استطاع رزرفورد معرفة باقي مكونات الذرة غير الإلكترونات. وذلك من خلال تجربة مميزة وهي اطلاق جزئيات ألفا موجبة الشحنة على صفيحة رقيقة من الذهب. فلاحظ أن نسبة بسيطة من الأشعة قد ارتدت عن الصفيحة، بينما باقي الأشعة عبرت بسهولة. من هنا استنتج رزرفورد أن الذرة الكيميائية معظمها فراغ لذا معظم الأشعة قد مرت. كما أن هناك جسيمات موجبة الشحنة تشغل حيز ضيق تنافرت مع بعض الأشعة وتسببت في ارتدادها.

اقرأ أيضاً: “شاطئ الرمال الوردية“

أخيراً، يجب القول أن الذرة الكيميائية أساس تكون كل المواد في الكون. ورغم ذلك لا يوجد صورة واضحة لها حتى الآن توضح كيفية عمل تلك الوحدة الأساسية في الكون. لكن بتنا نعرف الآن الكثير عنها وبانتظار العلم لنكتشف المزيد.