النفايات النووية؛ ما هو تعريفها وأنواعها وطرق ومخاطر التخلص منها؟

13 يناير 2024 - 10:27 ص

تعتبر الطاقة النووية طريقة رائعة لتوليد الكهرباء، والتي تتم بدون انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، ولكن هناك قلق متعلق بالسلامة والصحة عند تخزين أو التخلص من النفايات النووية (Nuclear Waste) بمختلف أنواعها، وتوجد استراتيجيات مختلفة لإدارة هذه النفايات، مثل التخلص المباشر منها أو إعادة استخدامها في المفاعلات لتوليد المزيد من الكهرباء. إذن ما هو تعريفها وأنواعها وطرق ومخاطر التخلص منها؟

تسجيل جين رانك باست…تسجيل جين رانك باستخدام رابط دعوة

ما هي النفايات النووية؟

تعرف النفايات النووية بأنها منتجات ثانوية مشعة ناتجة عن اندماج المواد المشعة أو انشطارها أو تصفيتها أو تنقيتها أو معالجتها، وهذا يشمل جميع النفايات المشعة سواء كانت صلبة أو سائلة، ولكن لا يشمل مرافق المعالجة والتخزين لمثل هذه النفايات، ولا يشمل أيضًا أي نفايات كامنة موجودة في البيئة بصورة طبيعية.

أنواع النفايات النووية

يمكن تصنيف المخلفات النووية حسب مصدرها إلى أربعة أنواع مختلفة تشمل الآتي:

  • المخلفات النووية الطبية: المنتجات الثانوية الناتجة عن معالجة المواد المشعة للاستخدام الطبي أو البحثي.
  • النفايات النووية العسكرية: المخلفات المشعة الناتجة عن استخدام المواد المشعة في الأسلحة العسكرية، وهذا يشمل كامل مخزون الأسلحة النووية التي انتهى تصنيعها.
  • النفايات النووية والخطرة المختلطة: المنتجات المشعة الناتجة عن اندماج أو انشطار أو معالجة المواد المشعة التي لا يمكن فصلها عن النفايات غير النووية.
  • المخلفات النووية لمحطات الطاقة: المخلفات الثانوية التي تنتج عن استخدام المواد المشعة من أجل الإنتاج التجاري للطاقة، وهذا يشمل جميع محطات الطاقة النووية التي انتهى تصنيعها، ويشمل أيضًا جميع المفاعلات النووية المخصصة للبحث.

هناك تصنيف آخر للنفايات النووية حسب نشاطها الإشعاعي، حيث يمكن تقسيمها إلى ثلاثة أنواع مختلفة، وهي:

  • نفايات منخفضة المستوى: تتكون الغالبية العظمى من النفايات (90% من الحجم الإجمالي) من عناصر قليلة التلوث فقط، مثل ملابس العمل والأدوات المستخدمة، وتمثل 1% فقط من إجمالي النشاط الإشعاعي.
  • نفايات متوسطة المستوى: تمثل حوالي 7% من حجم النفايات النووية، وهي تتمثل في الفلاتر المستخدمة ومكونات الصلب داخل المفاعل، وبعض النفايات السائلة الناتجة من إعادة المعالجة، وتمثل حوالي 4% من إجمالي النشاط الإشعاعي.
  • نفايات عالية المستوى: تمثل النفايات عالية المستوى 3% فقط من الحجم الإجمالي للنفايات، ولكنها تحتوي على 95% من إجمالي النشاط الإشعاعي، وهي تتكون في الغالب من الوقود النووي المستخدم (الوقود المستنفذ) المصنف على أنه نفايات من التفاعلات النووية،

“اقرأ أيضًا: البصمة الكربونية، الغدد اللعابية“

كمية النفايات النووية الناتجة مقارنة بمحطات الطاقة التقليدية

محطات الطاقة النووية تنتج نفايات أقل مقارنة بالمحطات التقليدية

الوقود النووي ينتج كميات كبيرة جدًا من الطاقة، ومع ذلك، فإن القليل جدًا منه مطلوب لإنتاج كميات هائلة من الكهرباء، خاصة عند مقارنته بمصادر الطاقة الأخرى، نتيجة لذلك، يتم إنتاج كمية صغيرة مقابلة من النفايات، في المتوسط ستكون النفايات من مفاعل يزود الشخص باحتياجاته من الكهرباء لمدة عام تقريبًا بحجم 5 جرامات فقط من النفايات عالية المستوى، تقريبًا نفس وزن الورقة.

ينتج عن توليد الكهرباء من محطة طاقة نووية نموذجية تبلغ 1000 ميجاوات، والتي من شأنها تلبية احتياجات أكثر من مليون شخص، ثلاثة أمتار مكعبة فقط من النفايات عالية المستوى المزججة سنويًا، إذا تم إعادة تدوير الوقود المستخدم، وبالمقارنة، فإن محطة طاقة تعمل بالفحم بطاقة 1000 ميجاوات تنتج ما يقرب من 300000 طن من الرماد وأكثر من 6 ملايين طن من ثاني أكسيد الكربون كل عام، فالفرق في كمية النفايات الناتجة شاسع جدًا بين المحطات النووية والتقليدية.

“اقرأ أيضًا: الذرة الكيميائية، الشمس الصناعية“

إدارة النفايات النووية

إدارة النفايات النووية والتخلص منها عملية تتم بعناية كبيرة

يعد التخلص من المخلفات النووية أو إدارة النفايات المشعة جزءًا مهمًا من توليد الطاقة النووية، وهناك عدد من الإرشادات الهامة والصارمة التي يجب اتباعها من قبل محطات الطاقة النووية لضمان التخلص من جميع نفاياتها بأمان وبعناية وبأقل قدر ممكن من الضرر للحياة (سواء كانت للبشر أو الحيوانات أو النباتات)، ولحسن الحظ، فإن كمية المواد المشعة المتبقية من محطات الطاقة النووية صغيرة جدًا مقارنة بالنفايات الناتجة عن طرق أخرى لتوليد الطاقة، على سبيل المثال حرق الفحم أو الغاز.

يتم الاحتفاظ بالوقود النووي المستخدم في مرافق تخزين رطبة أو جافة، قبل إعادة تدويره أو التخلص منه، عند إخراج الوقود المستخدم من المفاعل يكون ساخنًا ومشعًا ويتطلب تخزينه في الماء حتى يتم تبريده، يمكن الاحتفاظ بالوقود في التخزين الرطب، أو نقله إلى منشأة جافة بعد فترة من التبريد الأولي، إن الاحتفاظ بالوقود المستخدم في التخزين المؤقت للسماح بتقليل كل من الحرارة والنشاط الإشعاعي يجعل إعادة التدوير والتخلص منه أسهل.

هذه الحلول ليست حلول تخزين دائمة، وتوجد استراتيجيتان رئيسيتان لإدارة النفايات في جميع أنحاء العالم، حيث قامت بعض البلدان بإعادة تدوير الوقود النووي المستخدم منذ عقود، واختار آخرون التخلص المباشر، والقرار استراتيجي في الأساس، يتم اتخاذه على المستوى الوطني ومدفوعًا أساسًا بالاعتبارات السياسية والاقتصادية، فضلاً عن الاعتبارات التكنولوجية.

إعادة تدوير المخلفات النووية

على الرغم من أن بعض البلدان، وعلى الأخص الولايات المتحدة الأمريكية، تعامل الوقود النووي المستخدم على أنه نفايات، إلا أن معظم المواد التي تم استعمالها في الوقود المستخدم يمكن إعادة تدويرها، ما يقرب من 97% منها يمكن استخدامه كوقود في أنواع معينة من المفاعلات، والغالبية العظمى من هذه الكمية المستخدمة (94%) عبارة عن يورانيوم، تركز إعادة التدوير في الغالب على استخراج البلوتونيوم واليورانيوم، حيث يمكن إعادة استخدام هذه العناصر في المفاعلات التقليدية، ويمكن بعد ذلك خلط البلوتونيوم واليورانيوم المنفصلين مع اليورانيوم الطازج وتحويلهما إلى قضبان وقود جديدة.

استخدمت دول مثل فرنسا واليابان وألمانيا وبلجيكا وروسيا إعادة تدوير البلوتونيوم لتوليد الكهرباء، مع تقليل البصمة الإشعاعية لنفاياتها، وستظل بعض المنتجات الثانوية (حوالي 4%) من نواتج الانشطار بشكل أساسي، بحاجة إلى التخلص منها في مستودع ويتم تجميدها عن طريق مزجها بالزجاج، من خلال عملية تسمى التزجيج (Glazing).

التخلص المباشر من النفايات النووية

التخلص المباشر هو أحد استراتيجيات إدارة المخلفات النووية، حيث يتم تصنيف الوقود النووي المستخدم كنفايات ويتم التخلص منه في مستودع تحت الأرض دون أي إعادة تدوير، يتم وضع الوقود المستخدم في عبوات توضع بدورها في الأنفاق ثم تُغلق بعد ذلك بالصخور والطين، سيتم أيضًا وضع النفايات الناتجة عن إعادة التدوير – ما يسمى بمنتجات الانشطار – في المستودع، وتقترب بعض المستودعات من الاكتمال كما هو الحال في فنلندا على سبيل المثال.

” اقرأ أيضًا: أزمة المناخ، أدهم نابلسي يحذف جميع أغانيه من يوتيوب“

أضرار ومخاطر التخلص من النفايات النووية

التخلص من النفايات النووية عملية محفوفة بالمخاطر

يتم التخلص من النفايات النووية عن طريق وضعها في حاويات فولاذية داخل أسطوانات أخرى خرسانية، وتستخدم هذه الطريقة لمنع تسرب الإشعاع، حتى لا يلحق الضرر بالجو أو المحيط العام، وتعتبر طريقة غير مكلفة وسهلة نسبيًا للتخلص من المواد شديدة الخطورة، ولا تحتاج إلى نقل مخصوص أو تخزين في مكان خاص.

إذا تم التخلص من هذه النفايات بشكل جيد، فيمكن أن نتفادى وجود أي آثار سلبية، ويمكن لهذه النفايات أن تكمن في مكان تخزينها لمدة قد تصل لآلاف السنين حتى تصبح غير مشعة، ولكن إذا تم التخلص منها بطريقة غير سليمة أو إذا تم اختراق طرق التخلص منها، وفيما يلي أخطر 7 أثار قد تنتج عند التخلص منها:

طول فترة عمر النصف

تمتاز المواد الناتجة من الانشطار النووي بطول فترة عمر النصف، وهذا يعني أنها ستكون مشعة وخطرة لمدة قد تصل لآلاف السنين، وإذا حدث أي خلل في الحاويات التي يتم تخزين النفايات فيها، فقد تكون هذه المواد شديدة الخطورة لعدة سنوات قادمة، نظرًا لأن النفايات النووية الخطرة لا يتم إرسالها غالبًا إلى مواقع خاصة لتخزينها، فهذا يعني أنه من السهل نسبيًا العثور عليها، وإذا كان أي شخص لديه نية سيئة للبحث عنها لخدمة أغراض غير مشروعة، فقد يتمكن البعض من العثور عليها واستخدامها.

مشاكل التخزين

قضية التخزين هي أحد مشكلات النفايات النووية التي لا تزال قيد المناقشة حتى اليوم، وعلى مر التاريخ تمت مناقشة العديد من طرق التخزين المتنوعة، ومع ذلك تم تنفيذ القليل جدًا من هذه الطرق بسبب الطبيعة الإشكالية لتخزين مثل هذه المواد الخطرة المشعة، ومن بين الاقتراحات التي تم طرحها القذف في الفضاء، والتخزين تحت الأرض، والتخلص منها في مياه المحيطات، وتم استخدام التخلص في المحيط في الواقع من قبل ثلاثة عشر دولة مختلفة، ولكن هذه الطريقة لم تعد مطبقة حاليًا.

تأثير المخلفات النووية على الطبيعة

أحد أكبر مخاوف العالم من التخلص من النفايات النووية هو تأثيرها على الحيوانات والحياة النباتية، على الرغم من أنه يتم تخزينها جيدًا في أغلب الأوقات داخل حاويات وبراميل ضخمة من الخرسانة والفولاذ، إلا أنه في بعض الأحيان يمكن أن تحدث تسريبات، يمكن أن يكون للنفايات النووية آثار سيئة للغاية على الحياة، حيث يمكن أن تتسبب في نمو سرطاني، أو تتسبب في مشاكل وراثية في أجيال عديدة من الحيوانات، وبالتالي، فإن عدم التخلص من النفايات النووية بشكل صحيح يمكن أن يكون له آثار بيئية ضخمة يمكن أن تضر بملايين عديدة من الحيوانات أو النباتات.

احتمالية وقوع الحوادث وارتفاع تكلفة التنظيف

على الرغم من التركيز في معظم الأحيان على التخلص الآمن من النفايات النووية، إلا أن الحوادث تقع عبر التاريخ، وهناك عدد من الأمثلة على المرّات التي لم يتم فيها التخلص من المواد المشعة بالطرق المناسبة، وقد نتج عن ذلك عدد من المواقف الكارثية، مثل انتشار المخلفات النووية بواسطة العواصف الترابية في المناطق المأهولة بالبشر والحيوانات، وتلوث مياه البرك والبحار والأنهار، وبالتالي تسبب آثار كارثية على الحيوانات التي تعيش في هذه المناطق أو حولها، أو التي تعتمد في معيشتها على مياه البحيرات أو البرك.

يمكن أيضًا أن تتلوث مياه الشرب، وهو أمر كارثي وخطير على البشر المقيمين بالقرب من مكان حدوث الكارثة، حتى لو تسربت هذه النفايات إلى الأرض، فقد تصل إلى الخزانات ومصادر المياه الأخرى، وبالتالي، يمكن أن تصل إلى منازل الأشخاص الذين يشربون هذه المياه المشبعة بالمواد المشعة من غير قصد، وهناك أمثلة على مثل هذه الحوادث في مختلف أنحاء العالم في فترات زمنية مختلفة، مع وقوع حوادث خطيرة نادرًا جدًا، ولكن لها تأثير كبير على العديد من الأشخاص.

في حالة وقوع إحدى الحوادث عند تخزين هذه النفايات أو عند محاولة التخلص منها، فإن تكلفة تنظيف آثار الحادث وجعل كل شيء آمنًا باهظة للغاية، لا يوجد طريق بسيط أو سهل عند محاولة تنظيف المواد المشعة المنسكبة، قد يستغرق الأمر سنوات للتأكد من أن المنطقة آمنة للعيش فيها أو حتى زيارتها ثانية، في حالة وقوع حوادث خطيرة للغاية، قد يستغرق الأمر مدة قد تصل لعشرات السنين حتى تبدأ الحياة في العودة بشكل طبيعي مرة أخرى.

التنقيب والبحث عن المواد المشعة

هذه المشكلة توجد في الدول النامية على وجه الخصوص، فغالبًا ما ينقب البعض عن النفايات النووية التي لا تزال مشعة، ويوجد أسواق في بعض البلدان لهذه الأنواع من السلع، مما يعني أن الناس سيعرضون أنفسهم عن طيب خاطر لمستويات خطيرة من الإشعاع من أجل كسب المال، ولسوء الحظ، يمكن أن تكون المواد المشعة شديدة التقلب وتسبب عددًا من المشكلات.

في كثير من الأحيان، ينتهي الأمر بالأشخاص الذين ينقبون عن هذه المواد في المستشفى، وقد يموتون أيضًا بسبب المشكلات المتعلقة بالمواد المشعة، لسوء الحظ، بمجرد تعرض شخص ما للنفايات النووية، يمكنه بعد ذلك تعريض الأشخاص الآخرين من حوله للخطر أيضًا.

مخاطر النقل

يمكن أن يتسبب نقل النفايات النووية من محطات الطاقة في حدوث مشاكل أحيانًا، إذا تم استخدام حاويات شحن سيئة لاحتواء المواد المشعة، النتوء الخفيف أو الضربة التي قد تتعرض لها هذا الحاويات قد تتسبب في انسكاب المحتويات، وبالتالي، التأثير على البيئة المحيطة، وعلى الرغم من جميع التدابير التي يتم اتخاذها عند نقل النفايات النووية، لا تزال الحوادث موجودة ويمكن أن يكون لها تأثير مدمر على جميع القريبين من مكان الحادث.

الآثار الصحية

يعتبر القلق الأكبر من النفايات النووية هو التأثيرات السلبية الخطيرة التي يمكن أن تحدث لجسم الإنسان عند تعرضه للإشعاع، فالآثار طويلة المدى للإشعاع يمكن أن تسبب السرطان، يجب معرفة أننا نتعرض للإشعاعات بشكل طبيعي من خلال حياتنا على الأرض ومن خلال البيئة المحيطة من حولنا، ولكن يمكن أن يسبب الإشعاع الناتج عن المواد المشعة تغييرات في الحمض النووي المسؤول عن إصلاح الخلايا، وبالتالي تكون الآثار الصحية خطيرة وعواقبها وخيمة على الشخص الذي تعرض للإشعاع.

أسئلة شائعة عن النفايات النووية

ما المقصود بالنفايات النووية؟

هي منتجات ثانوية مشعة ناتجة عن العمليات التي تتم على المواد المشعة، وقد تكون صلبة أو سائلة.

ما أنواع النفايات النووية؟

طبقًا للنشاط الإشعاعي يوجد ثلاثة أنواع: منخفضة المستوى، ومتوسطة المستوى، وعالية المستوى، وطبقًا لمصدرها يوجد أربعة أنواع: طبية، وعسكرية، ومختلطة، ومخلفات محطات الطاقة.

كيف يتم التخلص من النفايات النووية؟

توجد طريقتان لذلك: إعادة التدوير، أو التخلص المباشر منها.

نكون بذلك قد تعرفنا على النفايات النووية وأنواعها المختلفة، وطرق إدارتها، والمخاطر المتعلقة بالتخلص منها أو تخزينها، وعلى الرغم من أنها تعتبر طريقة رائعة لتوليد الطاقة فإنها أيضًا تحتوي على قدر كبير من الخطورة.